السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يــا أهــل الفجر
يــا أهــل الفجر
فئة موفقة ، وجوههم مسفرة ، وجباههم مشرقة ، وأوقاتهم مباركة ، فإن كنت منهم فاحمد الله على فضله ، وإن لم تكن جملتهم فدعواتي لك أن تلحق بركبهم ، أتدري من هم ؟
إنهم أهل الفجر
قوم يحرصون على أداء هذه الفريضة ، ويعتنون بهذه الشعيرة ، يستقبل بها أحدهم يومه ، ويستفتح بها نهاره ، والقائمون بها تشهد لهم الملائكة ، من أداها مع الجماعة فكأنما صلى الليل كله ...
إنها صلاة الفجر التي سماها الله قرآنا فقال جل و عز: { وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً } سورة الإسراء من الآية(78).
المحافظة عليها من أسباب دخول الجنة ، والوضوء لها كم فيه من درجة ، والمشي إليها كم فيه من حسنة ، والوقت بعدها تنزل فيه البركة ، قال النبي صلى الله عليه و سلم: " اللهم بارك لأمتي في بُكورهَا ".أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
أهل الفجر:
الذين أجابوا داعي الله وهو ينادي ( حي على الصلاة ، حي على الفلاح ) ، فسلام على هـؤلاء القوم ، حـين استلهموا ( الصلاة خير من النوم ) ، واستشعروا معاني العبودية ، فاستقبلتهم سعادة الأيام تبشرهم و تثبتهم ، قال صلى الله عليه و سلم " بشر المشائين في الظلم إلى المسجد بالنور التام يوم القيامة " أخرجه الترمذي وأبو داود.
يا أهل الفجر:
لقد فزتم بعظيم الأجر ، فلا تغبطوا أهل الشهوات والحظوظ العاجلة فليس عندهم ما يُغتبطون عليه ، بل بفضل الله و برحمته فاغتبطوا ، وإياه على إعانتكم فاشكروا ، إياه فتوجهوا ، يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم " من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله ".أخرجه مسلم.
يا أهل الفجر:
هنيئاً لكم أن تتمتعوا بالنظر إلى وجه الله الكريم في الجنة ، قال صلى الله عليه و سلم: " إنِّكم سترون ربَّكم كمَا ترون هذا القَمرَ لا تُضامونَ في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشَّمسِ و قبلَ غروبها فافعلُوا ثم قرأ: { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس و قبل الغروب} " أخرجه البخاري و مسلم.
يا أهل الفجر:
ألا ترضون أن يذهب الناس بالأموال والزوجات ، وترجعون أنتم بالبركة في الأوقات والنشاط وطيب النفس وأنواع الهديات ، ودخول الجنات ونزول الرحمات ، قال صلى الله عليه و سلم : " من صلى البُردين دَخل الجنة " أخرجه البخاري و مسلم. و البردان: صلاة الفجر و صلاة العصر، وقال صلى الله عليه و سلم: " لن يلج النار أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " أخرجه مسلم. والمراد بهذا صلاة الفجر وصلاة العصر.
يا أهل الفجر:
أنتم محفوظون بحفظ الله ، أنفسكم طيبة ، وأجسادكم نشيطة ، يقول صلى الله عليه وسلم: " من صلَّى الصبح فهو في ذمة الله " .أخرجه مسلم ، وقال صلى الله عليه و سلم : " يعقد الشيطان على قافية رأسِ أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد ، ويضرب على مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد ، فإن استيقظ وذكر الله انحلت عقدة ، فإن توضأ انحلت عقدة ، فإن صلى انحلت عقدة ، فأصبح نشيطاً طيب النفس ، و إلا أصبح خبيث النفس كسلان " متفق عليه.
يا أهل الفجر:
كفاكم شرفاً شهادةُ ملائكة الرحمن لكم ، قال صلى الله عليه و سلم: " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل و ملائكة بالنهار ، و يجتمعون في صلاة الفجر و صلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم- و هو أعلم بهم - كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون: تركناهم و هم يصلون ، و أتيناهم و هم يصلون " متفق عليه.
يا أهل الفجر:
قال صلى الله عليه و سلم : " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ، و يرفع به الدرجات ؟ قالوا: بلى يا رسول الله ، قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، و كثرة الخطا إلى المساجد ، و انتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط فذلكم الرباط" أخرجه مسلم.
أولئك هم الرِّجال حقاً ، و المؤمنون صدقاً ، قال ربُّنا جلَّ و عَلا : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أن تُرفعَ و يُذكرَ فيها اسمهُ يسبحُ لهُ فيها بالغُدُاوِّ و الآصال * رِجَالٌ لا تلهيهم تجارةٌ أو بيعٌ عن ذكر الله و إقام صلاة و إيتاء الزكاةِ يخافونَ يوماً تتقلَّبُ فيهِ القلوب و الأبصارُ * ليجزيهُمُ الله أحسنَ ما عَمِلُموا و يزيدهُم مِّن فضلِهِ و اللَّهُ يرزُقُ من يشاء بغير حساب } سورة النور (36-37-38).
أمَّا مَن ضيَّعوا الصلاة و تهاونوا بها و أخَّروها عن وقتها فيا ليت شعري لو يعلمون ماذا تحمَّلوا من الوِزر ؟ و ماذا فاتهم من الأجر ؟ قال تعالى : { فويل للمصلين * الذين هُم عن صلاتهم ساهون } سورة الماعون (4-5) ، وقال تعالى : { فخلفَ من بعدِهِمْ خلفٌ أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً * إلا من تاب و آمن و عمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنَّة و لا يظلمون شيئاً } سورة مريم (59-60) ، وقال صلى الله عليه و سلم: " إنَّ أوَّل ما يُحاسبُ به العبدُ يومَ القيامة مِن عملهِ صلاتُهُ ، فإن صلُحت فقد أفلحَ و نَجَح ، و إن فسدت خابَ و خَسِرَ…. " الحديث رواه الترمذي و قال حديث حسن.
الأحبة في الله :
ألا فالْحق بأهل الفجـر ؛ لكي تكون في ذمة الله ، ولتُكتب في ديوان الأبرار ، وتحصل لك السعادة و النور ، وتمحى من صحيفة النفاق ، يقول النبي صلى الله عليه و سلم: " ليس صلاةٌ أثقل على المنافقين من صلاةِ الفجرِ و العشاءِ ، و لو يعلمون ما فيهما لأتوهما و لو حبوا " أخرجه البخاري و مسلم.
قال صلى الله عليه و سلم: " ثلاثةٌ كلهمْ ضامنٌ على الله إنْ عاشَ رُزِقَ وَ كُفِيَ ، وإنْ مات أدخله الله الجنَّةَ ، و منهم : مَن خرجَ إلى المسجدِ فهو ضامنٌ علَى الله " أخرجه أبو دادود و ابن حبان.
أسأل الله لي ولمن قرأ ولجميع المسلمين والمسلمات سعادة الدنيا والآخرة والفوز برضوان الله و جنته.